وجه قبيح وجهك المرصود
من عبث الضلال.. وأوصياء الزور
لم يبق في بغداد شيء..
فالرصاص يطل من جثث الشوارع
والردي شبح يدور
حزن المساجد والمنابر تشتكي
صلواتها الخرساء..
من زمن الضلالة والفجور
***
ارحل وعارك في يديك
ما عاد يجدي أن يفيق ضميرك المهزوم
أن تبدي أمام الناس شيئا من ندم
فيداك غارقتان في أنهار دم
شبح الشظايا والمدي قتلي
ووجه الكون أطلال.. وطفل جائع
من ألف عام لم ينم
جثث النخيل علي الضفاف
وقد تبدل حالها
واستسلمت للموت حزنا.. والعدم
شطآن غزه كيف شردها الخراب
ومات في أحشائها أحلي نغم
وطن عريق كان أرضا للبطولة..
صار مأوي للرمم!
الآن يروي الهاربون من الجحيم
حكاية الذئب الذي أكل الغنم
: كان القطيع ينام سكرانا
من النفط المعتق
والعطايا.. والهدايا.. والنعم
منذ الأزل
كانوا يسمون العرب
عبدوا العجول.. وتوجوا الأصنام..
واسترخت قوافلهم.. وناموا كالقطيع
وكل قافلة يزينها صنم
يقضون نصف الليل في وكرالبغايا..
يشربون الوهم في سفح الهرم
الذئب طاف علي الشواطيء
أسكرته روائح الزمن اللقيط
لأمة عرجاء قالوا إنها كانت ـ ورب الناس ـ من خير الأمم..
يحكون كيف تفرعن الذئب القبيح
فغاص في دم الفرات..
وهام في نفط الخليج..
وعاث فيهم وانتقم
سجن الصغار مع الكبار..
وطارد الأحياء والموتي
وأفتي الناس زورا في الحرم
قد أفسد الذئب اللئيم
طبائع الأيام فينا.. والذمم
الأمة الخرساء تركع دائما
للغاصبين.. لكل أفاق حكم
لم يبق شيء للقطيع
سوي الضلالة.. والكآبة.. والسأم
أطفال غزه يرسمون علي
ثراها ألف وجه للرحيل..
وألف وجه للالم
الموت حاصرهم فناموا في القبور
وعانقوا أشلاءهم
لكن صوت الحق فيهم لم ينم
يحكون عن ذئب حقير
أطلق الفئران ليلا في المدينة
ثم اسكره الدمار
مضي سعيدا.. وابتسم..
في صمتها تنعي المدينة
أمة غرقت مع الطوفان
واسترخت سنينـا في العدم
يحكون عن زمن النطاعة
عن خيول خانها الفرسان
عن وطن تآكل وانهزم
والراكعون علي الكراسي
يضحكون مع النهاية..
لا ضمير.. ولا حياء.. ولا ندم
الذئب يجلس خلف قلعته المهيبة
يجمع الحراس فيها.. والخدم
ويطل من عينيه ضوء شاحب
ويري الفضاء مشانقا
سوداء تصفع كل جلاد ظلم
والأمة الخرساء
تروي قصة الذئب الذي خدع القطيع..
ومارس الفحشاء.. واغتصب الغنم
***
ارحل وعارك في يديك
مازلت تنتظر الجنود العائدين..
بلا وجوه.. أو ملامح
صاروا علي وجه الزمان
خريطة صماء تروي..
ما ارتكبت من المآسي.. والمذابح
قد كنت تحلم أن تصافحهم
ولكن الشواهد والمقابر لا تصافح
إن كنت ترجو العفو منهم
كيف للأشلاء يوما أن تسامح
بين القبور تطل أسماء..
وتسري صرخة خرساء
نامت في الجوانح
فرق كبير..
بين سلطان يتوجه الجلال
وبين سفاح تطارده الفضائح
***
الآن ترحل غير مأسوف عليك
في موكب التاريخ سوف يطل وجهك
بين تجار الدمار وعصبة الطغيان
ارحل وسافر..
في كهوف الصمت والنسيان
فالأرض تنزع من ثراها
كل سلطان تجبر.. كل وغد خان
الآن تسكر.. والنبيذ الأسود الملعون
من دمع الضحايا.. من دم الأكفان
سيطل وجهك دائما
في ساحة الموت الجبان
وتري النهاية رحلة سوداء
سطرها جنون الحقد.. والعدوان
في كل عصر سوف تبدو قصة
مجهولة العنوان
في كل عهد سوف تبدو صورة
للزيف.. والتضليل.. والبهتان
في كل عصر سوف يبدو
وجهك الموصوم بالكذب الرخيص
فكيف ترجو العفو والغفران
قل لي بربك..
كيف تنجو الآن من هذا الهوان ؟!
ما أسوأ الإنسان حين يبيع سر الله للشيطان
***
في قصرك الريفي..
سوف يزورك القتلي بلا استئذان
وتري الجنود الراحلين
شريط أحزان علي الجدران
يتدفقون من النوافذ.. من حقول الموت
أفواجا علي الميدان
يتسللون من الحدائق.. والفنادق
من جحور الأرض كالطوفان
وتري بقاياهم بكل مكان
ستدور وحدك في جنون
تسأل الناس الأمان
أين المفر وكل ما في الأرض حولك
يعلن العصيان ؟!
الناس.. والطرقات.. والشهداء والقتلي
عويل البحر والشطآن
والآن لا جيش.. ولا بطش.. ولا سلطان
وتعود تسأل عن رجالك: أين راحوا ؟
كيف فر الأهل.. والأصحاب.. والجيران ؟
يرتد صوت الموت يجتاح المدينة
لم يعد أحد من الأعوان
هربوا جميعا..
بعد أن سرقوا المزاد.. وكان ما قد كان
ستطل خلف الأفق قافلة من الأحزان
حشد الجنود العائدين علي جناح الموت
أسماء بلا عنوان